البرقية المرفوعة إلى السدة العالية بالله بمناسبة اختتام أعمال الندوة العلمية الدولية تخليدا للذكرى السابعة والأربعين، لانتفاضة سيدي محمد بصير
البرقية المرفوعة إلى السدة العالية بالله، بمناسبة اختتام أعمال الندوة العلمية الدولية المنظمة من قبل مؤسسة محمد بصير للأبحاث والدراسات والإعلام، تحت الرعاية السامية لمولانا أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله، تخليدا للذكرى السابعة والأربعين، لانتفاضة سيدي محمد بصير ضد الاستعمار الإسباني في الصحراء المغربية
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين
جلالة الملك محمد السادس
أدام الله عزكم وخلد في الصالحات ذكركم
السلام على مقامكم العالي المنيف
ورحمته تعالى وبركاته
يتشرف خديم الأعتاب الشريفة، رئيس مؤسسة محمد بصير للأبحاث والدراسات والإعلام وخادم الطريقة البصيرية بزاوية جده الشيخ سيدي إبراهيم البصير، أصالة عن نفسه ونيابة عن كافة أفراد عشيرة آل البصير ومريدي الطريقة البصيرية وأعضاء المؤسسة، وجميع المشاركين في أعمال هذه الندوة العلمية الدولية من داخل المغرب وخارجه، بمناسبة اختتام فعالياتها، والتي نظمتها مؤسسة محمد بصير للأبحاث والدراسات والإعلام تحت رعايتكم السامية، والتي خلدت هذه السنة الذكرى السابعة والأربعين لانتفاضة سيدي محمد بصير، وذلك بتاريخ 13-14 شعبان 1438هـ موافق 10-11 ماي 2017م بمقر زاوية الشيخ سيدي إبراهيم البصير ببني اعياط وبمدينتي أزيلال والفقيه بن صالح، تحت شعار:
“تجديد الفكر الصوفي والانفتاح على قضايا الأمة المعاصرة “
مولاي أمير المؤمنين،
إن العلماء والشيوخ والأكاديميين والباحثين المشاركين في هذه الندوة العلمية الدولية، ناقشوا على مدى يومين كاملين وخلال خمس جلسات علمية محاور عدة، اتصلت بصاحب الذكرى المجاهد سيدي محمد بصير، وتطرقت بعمق لجديد قضية اختفائه القسري، الذي تعرض له وهو يقاوم الاستعمار الإسباني قبل سبعة وأربعين سنة، مشيدين بعناية جلالتكم السامية بالطرق الصوفية المغربية والإفريقية وشيوخها ومريديها في العالم، حيث تم إلقاء عروض ومواضيع أخرى رامت تشخيص حالة التصوف في العالمين الإسلامي والغربي، بإبراز نقاط القوة ونقاط الضعف، من أجل تجديده والنهوض به وربط حاضره بماضيه من خلال التطرق لأساليب ومهارات وتقنيات تجديد مناهج عمل أهل التصوف لتصبح أكثر فعالية في تصدير النفع للإنسانية، تفعيلا لعمل أسلافهم واقتفاء بهم في جمع كلمة الأمة وتوحيد صفها، وتقديم أجوبة حقيقية للتحديات المختلفة وانتظارات الناس، وكانت فرصة لتذكير شيوخ الطرق الصوفية ومريديها ومن في حكمهم بواجبهم الأول اتجاه الأمة، وضرورة انفتاحهم على قضاياها المعاصرة، قصد التدخل بإيجابية في مختلف المحافل لحل مشاكل المجتمعات الإنسانية، والتصدي لمخططات الأعداء الخفية والعلنية.
سيدي أعزكم الله،
وقد بينت المداخلات مدى حاجة أهل التصوف إلى تجديد الفكر الصوفي والانفتاح على قضايا الأمة المعاصرة، ودعت إلى فتح ورش للتواصل ومجال للنقاش حوله بين شيوخ الطرق الصوفية والزوايا ومريديها وغيرهم من مؤسسات ومراكز المعرفة في عالمنا الإسلامي، وتطرقت بتفصيل لما اعترى التصوف الإسلامي من تراجع ملموس سواء على مستوى الفكر أم الممارسة، وبعد عن المنهج الصوفي الذي سنَّه أسلافنا رحمة الله عليهم، مع التأكيد على أن هذا الأمر أصبح أكثر إلحاحا في العصر الراهن نظرا لما تعانيه الأمة الإسلامية من تحديات مختلفة، وتناولت الجلسات العلمية والموائد المستديرة في هذه الندوة مفهوم وحقيقة التجديد في الفكر الصوفي وضوابطه ورهانات الخطاب الصوفي في إطار التحولات المعاصرة مع تقديم نماذج لرواد التجديد في الحقل الصوفي في المغرب وإفريقيا وغيرها من بلدان العالم الإسلامي، علاوة على ضرورة انخراط أهل التصوف إيجابيا في حل قضايا الأمة من خلال الانفتاح عليها بما يقتضيه الأمر من حكمة قصد توثيق عرى الأمة وتقوية لحمتها.
مولاي أمير المؤمنين،
ولم يفت المشاركين التنويه بما تقومون به من خطوات جبارة في إطار إعادة هيكلة الحقل الديني بالمملكة المغربية في أيامنا هذه، وتوقفوا عند النتائج والثمرات المحمودة التي أثمرها نظركم السديد في هذا الباب على واقع التدين في المغرب، جعلت منه أنموذجا يحتدى ومطلوبا للاقتفاء من كثير من دول العالم الإسلامي واستحضروا بعد نظركم في تأسيس مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، وبقدر ما ثمن الحاضرون مبادراتكم السامية ونتائجها في هذا المجال، بقدر ما تمنوا تكرم جلالتكم بأن تشمل هذه الهيكلة كافة الطرق الصوفية والزوايا، لتعود بحول الله تعالى للقيام بأدوارها الحقيقية في المجتمع المغربي.
واعترف المشاركون بموصول كريم رعايتكم السامية لذكرى المقاوم الوطني سيدي محمد بصير، ومتابعتكم لتفاصيل قضية اختفائه القسري عن كثب، ودعمكم لعشيرة آل البصير، التي لا تزال تتابع قضية فقيدها بجدية مع بعض أصدقاء الزاوية البصيرية في البرلمان الأوربي ومع مجموعة العمل الأممية للاختفاءات القسرية، وباركوا خطوات جلالتكم السديدة ومواقفكم الحكيمة الحميدة، وديبلوماسيتكم الفعلية الرشيدة التي اتخذتموها لإيقاف المخططات الكيدية المتعددة، وكسب الرهان على أكثر من صعيد.
مولاي أمير المؤمنين،
إن العلماء وكافة المشاركين في الندوة العلمية الدولية، ومن منطلق وعيهم
بالتحديات الكبرى التي تستهدف الوطن في وحدته، وفي تماسك مكوناته ليؤكدون تعبئتهم الكاملة وراء سديد نظركم لتقوية معاني الترابط التي تجمع المغاربة شمالا وجنوبا وشرقا وغربا وراء ولي أمرهم ضامن اجتماعهم ورمز وحدتهم، اصطفافا يرونه جزءا من مقتضيات البيعة التي تجمعهم بكم، ويعتزون بقيادة جلالتكم الرشيدة، ويعاهدون الله ويعاهدونكم على السير وراء جلالتكم بكل حزم وعزم، ويباركون كل ما ترسمونه من سبل لخدمة هذا الدين الحنيف، وما تضعونه من خطط لبناء هذه الأمة ووحدتها ورقيها، معتبرين أنفسهم جنودا مجندين لخدمة الأهداف الكبرى التي تعملون لتحقيقها، كما يعتزون أيما اعتزاز بما حققتموه لهذه الأمة من بناء أمنها واستقرارها، وما وضعتموه من خطط لرقيها وازدهارها.
حفظ الله مولانا الإمام بما حفظ به الذكر الحكيم، ونصره نصرا عزيزا مؤبدا، وأدامه في صحة وعافية شاملة، حاميا للملة والدين، وأقر عين جلالته بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، وأنبته نباتا حسنا في عز والده ورفعته، وشد أزر جلالته بشقيقه السعيد صاحب السمو الملكي الأمير المولى رشيد، وباقي أفراد الأسرة الملكية الشريفة، وأمطر شآبيب الرحمة والغفران على روح الملكين العظيمين صاحب الجلالة الملك محمد الخامس ورفيقه في الكفاح جلالة الملك الحسن الثاني، وجعلهما في مقعد صدق مع من أنعم عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا، إنه سميع مجيب.
والسلام على المقام العالي بالله ورحمته تعالى وبركاته.
وحرر بالفقيه بن صالح يومه الخميس 14 شعبان 1438هـ موافق 11 ماي 2017م
خديم الأعتاب الشريفة
رئيس مؤسسة محمد بصير للأبحاث والدراسات والإعلام
إسماعيل بصير